بقلم ممارسة فالون غونغ في الصين
أنا موظفة حكومية في الحادي والأربعين من عمري. قبل أكثر من عشر سنوات، حين كنتُ في الثامنة والعشرين من عمري، أصبتُ فجأة بشلل نصفيّ بينما كنتُ أقوم بتصحيح مخطوطة في العمل. رغم أني تمكّنت من المشي بعد شهر من العلاج، بدأتُ أعاني من الكثير من العوارض الجانبية، كالقلق، والعجز عن التركيز، وصعوبة في التنفس والكلام، وتوتر العضلات، وفقدان الذاكرة. كنتُ مُحبَطة للغاية. إضافة إلى ذلك، أدّت الأخطاء في التشخيص والوصفات الطبيّة إلى تفاقم حالتي. كنتُ دائمًا أشعر بالضعف وبحساسيةٍ كبيرةٍ إزاء البرد. كنتُ أرتدي ثلاث قبعات في الشتاء، والمعاطف والسترات في الصيف. لم أكن أغفو دون القبعات الدافئة والجوارب السميكة. غير أن ملابسي السميكة لم توقف البرد من الداخل، فكنتُ أرتجفُ وأتعرّق في ذات الوقت. لكَي أمنع العرق من تبليل ملابسي، كنت أضعُ منشفة طويلة وراء ظهري، وأخفيها بكنزة. كان الناس ينظرون إلَي بغرابة وكان البعضُ يتساءل ما إذا كنتُ أتعاطى المخدرات.
في الإحدى عشر سنة التي تلت، لم أستطعْ الذهاب إلى العمل بسبب المرض. رغم محاولاتي العدّة، لم أستطع أن أتحمّل العبأ، فبقيتُ في المنزل. بعد فترةٍ، قاموا بإزالة مكتبي من المكان ولم يدرِ الزملاء الجدد بوجودي. حينها كنت لا أستطيع شرب المياه أو تناول الفاكهة، ولا أتحمّل البرد ولا الحرّ. عدا الأدوية التي كنت أتناولها كلّ يوم، كنتُ أشرب الكثير من أعشاب الشاي الصينية. من كثرة الأمراض، كان من الصعب إحصاء الأدوية التي تناولتها عبر السنين. في النهاية، تعلـّمت الكثير عن الأعشاب الصينيية فبتّ قادرة على وصفها للآخرين! جرّبت كلّ أنواع العلاج في الطبّ الصيني والغربي، جرّبت التشيغونغ، ومنظار الطيف، وخزّان الأكسجين، والعديد من العلاجات الأخرى، لكن حالتي لم تتحسن أبدًا. لم يتوصّل الأطبّاء لمعرفة أسباب أمراضي، لكن تلك الأخيرة كانت تتفاقمُ سنةً بعد أخرى. مع بداية الخريف، كنت أرتدي ثلاثة بنطلونات من الصّوف، القبّعات والقفازات! لم أكن أجرؤ على المرور قرب مروحة أو مبرّد هوائي.
كنت أحذرُ دائمًا كلّ ما يزعج جسمي. في سنّ الحادي والثلاثين، فقدتُ التركيز والقدرة على الكلام بطلاقة ووضوح، وإمكانيّة التأقلم مع المناخ. كنتُ أخاف الهواء، والضوء والمياه، حتى أني لم أرتد التنانير في الصّيف. كلّ جزءٍ مني كان مُغطـّى تمامًا طوال السنة.
غير أن تلك لم تكن نهاية عذابي، المزيد من الحظ السيّء كان بانتظاري. فالنكسات التي واجهتها في حياتي وصحّتي وعملي، إضافة إلى الآلام الجسديّة، أدّت أيضًا الى إجهادٍ عاطفيّ، فكنت على شفير الإنهيار. لم أجد أيّة غاية لوجودي وما عدتُ قادرة على مواجهة العالم.
فكّرتُ بإنفاق مدّخراتي على السفر حول العالم بحثا عن معلـّم صالح يشفي أمراضي ويساعدني على الارتقاء. اتصلتُ بالعديد من الأرقام المسجّلة في دليل الهاتف، لكني لم أجد معلـّمًا مرضيّا. بعضُهم كان زائفـًا وأضرّ أكثر بصحتي. في صيف ۱۹۹٦، وبعد ۱۱ سنة من المعاناة مع المرض، أظهرَ التشخيص بالرنين المغنطيسي وبعض الفحوصات أعراضًا غير طبيعية في دماغي. أوصى الطبيب بعمليّة جراحية. لكن إن كان جسدي لا يتحمّل القليلَ من المشقة، فكيف سيتحمّل عمليّة جراحيّة؟ وهل حقـّا أريدُ العيش في ظلّ ذلك العذاب؟ في النهاية، قرّرت الخضوع لعمليّة سكّين غاما. رغم أني لم أكن قد بلغتُ الـ ٤٠ من عمري، كنتُ قد فقدتُ الأمل في الحياة وحضّرتُ للاستقالة من عملي إذا بقيت على قيد الحياة بعد العملية.
دفعتُ ٤٠ ألف يوان للعمليّة. عندما جُهّزت غرفة العملية وبات كل شيءٍ في مكانه، هربتُ خائفة من المستشفى. بعدها بفترةٍ قصيرة، حصلتُ على كتاب الفالون غونغ، جوهان فالون، وتغيّرت حياتي وتجدّدت بشكل أعجوبي. بعد أن قرأتُ الكتاب، خضعتُ لتغيير كبير في طريقة تفكيري وفهمتُ أخيرًا السببَ وراء مرضي، وحصلتُ على أجوبةٍ لكلّ أسئلتي. جوهان فالون ساعدَني على فهم الغاية من وجودي وأراني واحة حياتي. في اللحظة التي أنهيتُ فيها قراءة الكتاب، مرّ جسدي وعقلي بسلسلةٍ من التغييرات. عانيتُ في الماضي من نقص في الأكسجين، وجفاف الشعر، وعدم وضوح في الرؤية، واضطراب الأفكار. لم أستطع مشاهدة التلفاز ولا قراءة الجريدة لعدّة سنوات. قال لي أخي مرّة: “أنتِ لا تملكين المهارة ولا القلب على للتعلـّم”. غير أني قرأتُ جوهان فالون مرّتين بكامله خلال أسبوع
واحد. عدا تناول الطعام والنوم، قضيتُ كلّ وقتي في القراءة، دون أن أعاني من ألم في الرأس أو أشعر بالضيق. بعد عشرة أيام، في ۲۱ أغسطس عام ۱۹۹٦، بدأتُ بالقيام بتمارين الفالون دافا. في اليوم الرابع من القيام بالتمارين، تخلصتُ أخيرًا من البطانية السميكة التي استعملتها في فصول الصيف الإحدى عشر الماضية، وعدتُ أشعر برائحة فراش القش من جديد. في اليوم السادس، تمكّنتُ من التحدث مطوّلاً دون الشعور بضيق النفس. وبعدها وجدتُ نفسي أكتبُ نصوصًا دون الشعور بأي ألم في الرأس. في اليوم السادس عشر، بدأتُ مجدّدًا بغسل ملابسي بالماء الباردة. عدتُ أتناول الطعام البارد في
اليوم الواحد والعشرين، وبعد شهر استطعتُ ارتداء التنورة. عادَت لي ذاكرتي وعدتُ للعمل دوامًا كاملاً بعد شهرين من ممارسة الفالون غونغ!
في الماضي، كنت لا أستطيع التحكّم في حياتي ولا في صحّتي. أما الآن، فأنا أشعرُ بالحيوية والقوّة، أفكاري متماسكة، وأستطيعُ الكتابة والقراءة كما أشاء. لم أعدْ مجبرة على نظام غذائي معيّن، وبتّ قادرة على القيام بواجبات المنزل، كتنظيف الأرض، وغسل الثياب، وكلّ الأشياء الأخرى. كما أن طباعي تغيرَت أيضًا، فالمعاناة من الكثير من الأمراض جعلتني امرأة سريعة الغضب وغير قادرة على النقاش بهدوء. تعوّدتُ على ركل الكراسي ورمي الأشياء عندما أشعرُ بمزاج سيّئ. لم أكن أعيرُ اهتمامًا لما كان يظنه الآخرون إذ كنتُ متعبة من المرض. لكن في النهاية كنتُ أشعر بندم كبير، وأختلقُ الأعذار وأزدادُ تشاؤمًا. منذ بدأتُ بقراءة جوهان فالون، لم أفقدْ أعصابي أو أهنْ أحدًا. بل بتّ عندما أقابل أشخاصًا أخطأتُ في حقهم سابقا، أشعرُ بالندم لمعاملتي إياهم بالسوء.
خلال شهرين من ممارسة الفالون غونغ، أمراضي المزمنة اختفت بعد عشر سنوات. هذه التجربة خلَقت ضجّة في مكان العمل، وأصبحَ الجميع مندهشًا بما تستطيعُ الفالون غونغ فعله. أنا أيضاً متأثرة حقا بروعتها ورحابتها. فالون غونغ تساعدُ الناس على النظر إلى قلوبِهم وعقولِهم، وتجعلهم يفهمون أسباب أمراضهم وتعاستهم. كما أننا نتعلمُ كيف نكونُ أفرادًا صالحين في المجتمع وكيف نحافظ على موقف إيجابي من الحياة. حصلتُ على كلّ هذا بعد أن تخلصتُ من شعوري بالسوء تجاه المجتمع، والحياة، والناس.